
أوقفوا تعليم الفتيات…
نعم، أوقفوا إرسال بناتكم إلى المدارس والجامعات.
نعم، دعوهّن بلا علم وثقافة.
فلِم تريدون أن تزرعوا العِلم في نفوس الفتيات ثم تستخفون بقُدراتهنّ؟
ترسلون الفتاة إلى المدرسة وتحثّونها على منافسة الجميع على مقاعد الدراسة وتدفعونها على العمل بكد لأن “العلم سلاحها وهذه مصلحتها” وتتفوّق وتحتلّ المراتب الأولى حتى في إختصاصات إحتكرها الرجال كالطب والقضاء والهندسة والسياسة وإدارة الأعمال ثم تسخرون منها حينما تبدأ بالحلم بالتقدّم والوصول إلى مراكز في الحياة طالبين منها أن تبقى واقعية أيضاً لمصلحتها، وتتهمون اللواتي وصلن إلى مراكز عالمية بعدم الكفاءة أو “الواسطة” والإسترجال.

تعلّمون الفتاة ثم تقولون لها أنها جاهلة ولا تفهم شيئاً.
تعلّمون الفتاة ثمّ ترمونها في المطبخ لكن مسلّحة بالعِلم وشهادات معلّقة بمسامير تُؤلِم الحيط.
تعلّمون الفتاة وتقولون لها أنها قادرة وقادرة وقادرة ثم عندما تريد أن تستعمل قدرتها، تسخرون منها وتقولون أنها غير قادرة.
تعلّمون الفتاة وتزرعون لها أجنحة لكنها تتفاجأ عندما تحاول أن تطير، بأجنحتها المكسورة وقَدَميها المقيدتين.
في مجتمع يعيّر الفتاة بشكلها وبلبسها وبأفكارها وطموحها وأخلاقها،
في مجتمع يسهل عليه إهانة الفتاة ويدافع ويبرّر للرجل أخطاءه. أو بالأحرى مجتمع لا يعترف بأن الرجل يخطئ،
في مجتمع يطلب من الفتاة تحمّل المسؤولية لكن دون قرار،
في مجتمع يعتبر الفتاة كيان ناقص خاضع،
في مجتمع تعيش الفتاة نصف ميتة، ترضي الآخرين وتُسعدهم وهي حزينة بصمت،
في مجتمع تكثُر فيه جرائم جسدية ومعنوية بحق المرأة،
في مجتمع تكثُر فيه جرائم قتل نساء على يد من يدّعون الرجولة،
في مجتمع يقتل الفتاة مرتين: الأولى حينما دفنت حقيقتها وجعلت من نفسها وسيلة لإرضاء مجتمع خبيث وسطحي والثانية حينما رحلت إلى الأبد وخانها العمر الذي مضى وهي تعيش على أمل أن يأتيها يومٌ أفضل وحقيقي،
في مجتمع لا يرضى مهما حاولت الفتاة إرضاءه وضحّت بفرحها وبكت ورضخت لمعايير وهمية وضعها كي يلهو بها ويلهيها عن قدراتها،
في مجتمع لم ولن يُحب الفتاة ولن يبكِي على قبرها عندما ترحل حتى لو ضاع عمرها من أجله…
في مجتمع تشقى الفتاة وتضحي وتقاوم ثم ترحل وكأنها لم تكُن،
في مجتمع منفصم، رجاءً أوقفوا تعليم الفتيات…
دينا الحجار

(the last picture is an extract from a book called “horriya wa infitah” by perhaps yimkin)