داروين على حق ولكن…
يبدو أن نظرية التطور البيولوجي التي عرضها داروين والتي تقترح أن الكائنات الحية ناتجة عن تطور كائن واحد عبر ملايين السنين وأن الإنسان والقرد يتفرعان من أصل واحد، صحيحة…
فقد استرعى انتباهي برنامج وثائقي عن القردة ووحشية بعضها وقدرتها على الأذى بلا وعي، مما جعلني أتأمل العالم حولي وأتساءل هل نحن والقردة بالفعل من أصل واحد، أو اننا نحن البشر مجرد نوع من القردة البرية الناطقة؟
فأحد القردة الهارب من حديقة حيوانات في أفريقيا اعترض طريق سيارة وحطم نافذة السائق وسحبه منها ورماه أرضاً وبدأ بضربه وعضه ومزق ثيابه وقَلع عينيه وكل ما يمكن تصوره من وحشية برية لحيوانات هاربة…
هذا قرد لا إله ولا ضمير له ولا يدرك أفعاله وعواقبها… أما نحن البشر… فنعتقد أن التطور البيولوجي جعلنا نطور عقولنا وقدراتنا الإبداعية، مما جعلنا نعتقد أننا متفوقون على باقي الكائنات بالذكاء .لكن هذا هو خطأ داروين والكثير من فلاسفة العصور القديمة: انهم ميزوا البشر عن باقي الكائنات بالذكاء والضمير… فلا يا عزيزي داروين… نحن لا نزيد شأناً عن هذا القرد المتوحش سوى اننا أكثر وحشية وإجراماً لأننا، كما قلت، نتميز بإدراكنا لما نحن فاعلون…
عزيزي داروين، أنت على حق: نعم نحن تفوقنا على باقي الكائنات، ولكن يقتضي التوضيح هنا أن هذا التفوق يأتي بدرجة الإجرام… نعم نحن متفوقون بنسبة الوحشية في سفك دماء بعضنا البعض فصار القتل عبارة عن فن ومزايدات: بين الرصاص والسكاكين والخنق والسم والتعذيب وقطع الرؤوس… نعم الإجرام بات فناً يتباهى المجرم به على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي حتى أصبح القتل شيئاً عادياً ومشهد الدم كمشهد الغروب اليومي.
تعددت الوسائل والإجرام والنتيجة واحدة، لكن يؤسفني أن يصنف المجرم بين البشر أو حتى بين الحيوانات… يؤسفني أن يصبح مشهد القتل خبزنا اليومي الذي يقوم بتغيير بيولوجي لضمائرنا فنتحول كائنات تتمتع بمشاهد الدماء ولذتها القتل والإجرام بلا رحمة… وبعيدة من الإنسانية.
دينا رفيق الحجار
Dina Hajjar 