لم اشعر منذ مولدي بمعنى عيد الاستقلال. لم افهم ابداً سبب الاحتفال بهذا العيد في هذه الايام البائسة. فعيد الاستقلال يأتي مع شريط ذكريات مكتظ بالتحديات والصعاب. نعم مر لبنان بتحديات صعبة وتاريخية خلال الاربعينات لكنه يمر الآن بأيام واعوام اصعب مليئة بالدماء والاجرام وتاريخ مؤلم تمنيت ان لا اشهده.
الاستقلال ليس تحديد النشيد والوان العلم… لا، وليس الاناشيد الوطنية والاستعراضات والمفرقعات وما اصبحنا نسميه “رصاص الابتهاج”.
الاستقلال هو المحافظة على الاستقلال والمحافظة على ارث الذين ضحوا في الماضي كي نكون احرارا في الحاضر… الاستقلال هو التزام لبقاء مصلحة الوطن فوق اي اعتبار آخر.
الاستقلال هو قائد تاريخي كالقيادة في الاربعينات التي اخرجت الانتداب وادخلت مرحلة نهضة جديدة في لبنان. الاستقلال في ايامنا هو اخراج الفساد والفاسدين وادخال مفهوم الحس الوطني.
الاستقلال هو مجلس وطني للشباب لا للطامعين… الاستقلال هو الايمان بالشباب وجعلهم قدوة للأجيال القادمة لا نسخة عن الاجيال السابقة…
الاستقلال هو الجيش حامل الامل والرجاء الذي خاض معارك ولا يزال، ووري الارض بدم زكي لتظل طاهرة…
الاستقلال هو التجرد من التعصب الطائفي التافه. الاستقلال هو ان نحتفل معا بالمولد النبوي وعيد الميلاد. الاستقلال هو الوحدة في السراء والضراء…
الاستقلال هو لبنان واحد… لبنان الشمال والجنوب والبقاع والشوف والجبل وبيروت وكل زاوية…
فلنقف ثواني وننظر الى ما بقي من هذا الوطن لينهض كطائر الفينيق من تحت الرماد… لا لن يفوت الاوان للنهضة… فالاستقال آت لا شك آت… ما زلت اؤمن اننا في مرحلة تحضير لاستقلال جديد ونهضة جديدة وثورة فكرية ووطن مفعم بالحياة والتقدم… فان لم نقم نحن بمداواة الجرح لا بد ان يأتي جيل يداويه. ان “الثورة تولد من رحم الاحزان”… لكن اين العيب ان نبدأ نحن بمعالجة وجع لبنان؟
قم يا لبنان… قم من تحت الردم ليشهد التاريخ نهوضك ويعود “اسمك عزك منذ كان الجدود ومجدك ارزك رمزك للخلود؟…
كلنا للوطن… كلنا للبنان…
دينا الحجار
